فصل: قال ابن عاشور:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وقرأ عكرمة والحسن بخلاف عنهما والأعرج وأبو رجاء وابن عامر وابن محيصن {وَإِنَّ إِلْيَاسَ} بوصل الهمزة فاحتمل أن يكون قد وصل همزة القطع واحتمل أن يكون اسمه يأسًا ودخلت عليه أل كما قيل في اليسع، وفي حرف أبي ومصحفه و{إن} إيليس بهمزة مكسورة بعدها ياء أيضًا ساكنة آخر الحروف بعدها لام مكسورة بعدها ياء أيضًا ساكنة وسين مهملة مفتوحة.
{إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَلَا تَتَّقُونَ (124)}.
{إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ} وهم على المشهور في إلياس سبط من بني إسرائيل أسكنهم يوشع لما فتح الشام المدينة المعروفة اليوم ببعلبك وزعم بعضهم أنها كانت تسمى بكة وقيل بك بلا هاء ثم سميت بما عرف على طريق التركيب المزجي، و{إِذْ} عند جمع مفعول اذكر محذوفًا أي اذكر وقت قوله لقومه {أَلاَ تَتَّقُونَ} عذاب اللهتعالى ونقمته بامثتال أوامره واجتناب نواهيه.
{أَتَدْعُونَ بَعْلًا} أي أتعبدونه أو تطلبون حاجكم منه، وهو اسم صنم لهم كما قال الضحاك.
والحسن وابن زيد، وفي بعض نسخ القاموس أنه لقوم يونس، ولا مانع من أن يكون لهما أو ذلك تحريف، قيل وكان من ذهب طوله عشرون ذراعًا وله أربعة أوجه فتنوا به وعظموه حتى أخدموه أربعمائة سادن وجعلوهم أنبياءه فكان الشيطان يدخل في جوفه ويتكلم بشريعة الضلالة والسدنة يحفظونها ويعلمونها الناس، وقيل هو اسم امرأة أتتهم بضلالة فاتبعوها واستؤنس له بقراءة بعضهم، {بعلاء} بالمد على وزن حمراء، وظاهر صرفه أنه عربي على القولين فلا تغفل.
وقال عكرمة. وقتادة، البعل الرب بلغة اليمن: وفي رواية أخرى عن قتادة بلغة أزد شنوءة، واستام ابن عباس ناقة رجل من حمير فقال: له أنت صاحبها؟ قال: بعلها فقال ابن عباس أتدعون بعلا: أتدعون ربما من أنت؟ قال: من حمير، والمراد عليها أتدعون بعض البعول أي الأرباب والمراد بها الأصنام أو المعبودات الباطلة فالتنكير للتبعيض فيرجع لما قيل قبله {بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الخالقين} أي وتتركون عبادته تعالى أو طلب جميع حاجكم منه عز وجل على أن الكلام على حذف مضاف؛ وقيل إن المراد بتركهم إياه سبحانه تركهم عبادته عز وجل والمراد بالخالق من يطلق عليه ذلك، وله بهذا الاعتبار أفراد وان اختلفت جهة الاطلاق فيها فلا اشكال في إضافة افعل إلى ما بعده، وهاهنا سؤال مشهور وهو ما وجه العدول عن تدعون بفتح التاء والدال مضارع ودع بمعنى ترك إلى {تذرون} مع مناسبته ومجانسته لتدعون قبله دون تذرون وأجيب عن ذلك بأجوبة.
الأول أن في ذلك نوع تكلف والجناس المتكلف غير ممدوح عند البلغاء ولا يمدح عندهم ما لم يجىء عفوا بطريق الاقتضاء ولذا ذموا متكلفه فقيل فيه:
طبع المجنس فيه نوع قيادة ** أو ما ترى تأليفه للأحرف

قاله الخفاجي، وفي كون هذا البيت في خصوص المتكلف نظر وبعد فيه ما فيه، الثاني أن في تدعون إلباسًا على من يقرأ من المصحف دون حفظ من العوام بأن يقرأه كتدعون الأول ويظن أن المراد إنكار بين دعاء بعل ودعاء احسن الخالقين، وليس بالوجه إذ ليس من سنة الكتاب ترك ما يلبس على العوام كما لا يخفى على الخواص.
والصحابة أيضًا لم يراعوهم وإلا لما كتبوا المصحف غير منقوط ولا ذا شكل كما هو المعروف اليوم، وفي بقاء الرسم العثماني معتبرًا إلى انقضاء الصحابة ما يؤيد ما قلنا، والثالث أن التجنيس تحسين وإنما يستعمل في مقام الرضا والإحسان لا في مقام الغضب والتهويل، وفيه أنه وقع فيما نفاه قال تعالبى:
{وَيَوْمَ تَقُومُ الساعة يُقْسِمُ المجرمون مَا لَبِثُواْ غَيْرَ سَاعَةٍ} [الروم: 55] وقال سبحانه: {يكاد سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بالابصار يُقَلّبُ الله الليل والنهار إِنَّ في ذلك لَعِبْرَةً لاوْلِى الأبصار} [النور: 43، 44] وفيهما الجناس التام ولا يخفى حال المقام، الرابع ما نقل عن الإمام فإنه سئل عن سبب ترك تدعون إلى {تذرون} فقال: ترك لأنهم اتخذوا الأصنام آلهة وتركوا الله تعالى بعدما علموا أن الله سبحانه ربهم ورب ابائهم الأولين استكبارًا فلذلك قيل: {بَعْلًا وَتَذَرُونَ} ولم يقل وتدعون، وفيه القول بأن دع أمر بالترك قبل العلم وذر أمر بالترك بعده ولا تساعده اللغة والاشتقاق، الخامس أن لانكار كل من فعلى دعاء بعل وترك احسن الخالقين علة غير علة إنكار الآخر فترك التجنيس رمزًا إلى شدة المغايرة بين الفعلين، السادس أنه لما لم يكن مجانسة بين المفعولين بوجه من الوجوه ترك التجنيس في الفعلين المتعلقين بهما وإن كانت المجانسة المنفية بين المفعولين شيئًا والمجانسة التي نحن بصددها بين الفعلين شيئًا آخر، وكلا الجوابين كما ترى، السابع أن يدع إنما استعملته العرب في الترك الذي لا يذم مرتكبه لأنه من الدعة بمعنى الراحة ويذر بخلافه لأنه يتضمن إهانة وعدم اعتداد لأنه من الوذر قطعة اللحم الحقيرة التي لا يعتد بها.
واعترض بأن المتبادر من قوله بخلافه أن يذر إنما استعملته العرب في الترك الذي يذم مرتكبه فيرد عليه قوله تعالى: {فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ} [الأنعام: 112، 137] وقوله سبحانه: {وَذَرُواْ مَا بَقِىَ مِنَ الربا} [البقرة: 278] إلى غير ذلك وفيه تأمل.
الثامن أن يدع أخص من يذر لأنه بمعنى ترك الشيء مع اعتناء به بشهادة الاشتقاق نحو الإيداع فإنه ترك الوديعة مع الاعتناء بحالها ولهذا يختار لها من هو مؤتمن عليها ونحوه موادعة الأحباب وأما يذر فمعناه الترك مطلقًا أو مع الأعراض والرفض الكلي، قال الراغب: يقال فلأن يذر الشيء أي يقذفه لقلة الاعتداد به ومنه الوذر وهو ما سمعت آنفًا، ولا شك أن السياق إنما يناسب هذا دون الأول إذ المراد تبشيع حالهم في الاعراض عن ربهم وهو قريب من سابقه لكنه سالم عن بعض ما فيه، التاسع أن في تدعون بفتح التاء والتدال ثقلًا ما لا يخفى على ذي الذوق السليم والطبع المستقيم {وَتَذَرُونَ} سالم عنه فلذا اختير عليه فتأمل والله تعالى أعلم، وقد أشار سبحانه وتعالى بقوله: {أحسن الخالقين} إلى المقتضى للإنكار المعنى بالهمز وصرح به للاعتناء بشأنه في قوله تعالى: {الله رَبَّكُمْ وَرَبَّ ءابَائِكُمُ الاولين} بالنصب على البدلية من {أحسن الخالقين} [الصافات 125]، قال أبو حيان: ويجوز كون ذاك عطف بيان إن قلنا إن إضافة أفعل التفضيلل محضة، وقرأ غير واحد من السبعة بالرفع على أن الاسم الجليل مبتدأ و{رَبُّكُمْ} خبره أو هو خبر مبتدأ محذوف وربكم عطف بيان أو بدل منه، وروي عن حمزة أنه إذا وصل نصب وإذا وقف رفع، والتعرض لذكر ربوبيته تعالى لآبائهم الأولين لتأكيد إنكار تركهم إياه تعالى والأشعار ببطلان آراء آبائهم أيضًا.
{فَكَذَّبُوهُ} فيما تضمنه كلامه من إيجاب الله تعالى التوحيد وتحريمه سبحانه الإشراك وتعذيبه تعالى عليه، وجوز أن يكون تكذيبهم راجعًا إلى ما تضمنه قوله: {الله ربكم} [الصافات 126] {فَإِنَّهُمْ} بسبب ذلك {لَمُحْضَرُونَ} أي في العذاب وإنما اطلقه اكتفاء بالقرينة أو لأن الاحضار المطلق مخصوص بالشر في العرف العام أو حيث استعمل في القرآن لاشعاره بالجبر.
{إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ (128)}.
استثناء متصل من الواو في كذبوه فيدل على أن من قومه مخلصين لم يكذبوه، ومنع كونه استثناء متصلًا من ضيمر {مُحْضَرُونَ} لأنه للمكذبين فإذا استثنى منه اقتضى أنهم كذبوه ولم يحضروا وفساده ظاهر، وقيل: لأنه إذا لم يستثن من ضمير كذبوا كانوا كلهم مكذبين فليس فيهم مخلص فضلًا عن مخلصين ومآله ما ذكر، لكن اعترضه ابن كمال بأنه لا فساد فيه لأن استثناءهم من القوم المحضرين لعدم تكذيبهم على ما دل عليه التوصيف بالمخلصين لا من المكذبين فمآل المعنى واحد.
ورد بأن ضمير محضرين للقوم كضمير كذبوا، وقال الخفاجي: لا يهفى أن اختصاص الاحضار بالعذاب كما صرح به غير واحد يعين كون ضمير محضرين للمكذبين لا لمطلق القوم فإن لم يسلمه فهو أمر آخر، وفي البحر ولا يناسب أن يكون استثناء منقطعًا إذ يصير المعنى لكن عباد الله المخلصين من غير قومه لا يحضرون في العذاب وفيه بحث.
{وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ (129) سَلَامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ (130) إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (131) إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ (132)}.
الكلام فيه كما في تظيره بيد أنه يقال هاهنا إن ال ياسين لغة في إلياس وكثيرًا ما يتصرفون في الأسماء الغير العربية.
وفي الكشاف لعل لزيادة الياء والنون معنى في اللغة السريانية، ومن هذا الباب سيناء وسينين، واختار هذه اللغة هنا رعاية للفواصل، وقيل: هو جمع إلياس على طريق التغليب بإطلاقه على قومه وأتباعه كالمهلبين للمهلب وقومه.
وضعف بما ذكر النحاة من أن العلم إذا جمع أو ثنى وجب تعريفه باللام جبرًا لما فاته من العلمية، ولا فرق فيه بين ما فيه تغليب وبين غيره كما صرح به ابن الحاجب في شرح المفصل، لكن هذا غير متفق عليه، قال ابن يعيش في شرح المفصل: يجوز استعماله نكرة بعد التثنية والجمع نحو زيدان كريمان وزيدون كريمون؛ وهو مختار الشيخ عبد القاهر وقد أشبعوا الكلام على ذلك في مفصلات كتب النحو، ثم أن هذا البحث إنما يتأتى مع من لم يجعل لام إلياس للتعريف أما من جعها له فلا يتأتى البحث معه، وقيل: هو جمع الياسي بياء النسبة فخفف لاجتماع الياآتفي الجر والنصب كما قيل اعجمين في أعجميين وأشعرين في أشعريين، والمراد بالياسين قوم إلياس المخلصون فإنهم الأحقاء بأن ينسبوا إليه، وضعف بقلة ذلك والباسه بالياس إذا جمع وإن قيل: حذف لام إلياس مزيل للإلباس، وأيضًا هو غير مناسب للسياق والسباق إذ لم يذكر آل أحد من الأنبياء.
وقرأ نافع وابن عامر ويعقوب وزيد بن علي {إِلْ يَاسِينَ} بالإضافة، وكتب في المصحف العثماني منفصلًا ففيه نوع تأييد لهذه القراءة، وخرجت عن أن ياسين اسم أبي إلياس ويحمل الآل على إلياس وفي الكناية عنه تفخيم له كما في آل إبراهيم عن نبينا صلى الله عليه وسلم، وجوز أن يكون الآل مقحمًا على أن ياسين هو إلياس نفسه.
وقيل: ياسين فيها اسم لمحمد صلى الله عليه وسلم فآل ياسين آله عليه الصلاة والسلام، أخرج ابن أبي حاتم.
والطبراني وابن مردويه عن ابن عباس أنه قال في {سلام على إِلْ يَاسِينَ} نحن آل محمد آل ياسين، وهو ظاهر في جعل ياسين اسمالً له صلى الله عليه وسلم، وقيل: هو اسم للسورة المعروفة، وقيل: اسم للقرآن فآل ياسين هذه الأمة المحمدية أو خواصها.
وقيل: اسم لغير القررن من الكتب، ولا يخفى عليك أن السياق والسباق يا بيان أكثر هذه الأقوال.
وقرأ أبو رجاء والحسن {على} بوصل الهمزة وتخريجها يعلم مما مر.
وقرى ابن مسعود ومن قرأ معه فيما سبق ادريس {سلام على} وعن قتادة {وَأَنْ إِدْرِيسَ} وقرأ {على} وقرأ أبي {على} كما قرأ {وَأَنْ وَإِنَّكَ لَمِنَ المرسلين}. اهـ.

.قال ابن عاشور:

{وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (123)}.
أتبع الكلام على رسل ثلاثة أصحاب الشرائع: نوح وإبراهيم وموسى بالخبر عن ثلاثة أنبياء وما لقوه من قومهم وذلك كله شواهد لتسلية الرسول محمد صلى الله عليه وسلم وقوارع من الموعظة لكفار قريش.
وابتدىءَ ذكر هؤلاء الثلاثة بجملة {وإنَّ إلياسَ لَمِنَ المُرسلينَ} لأنهم سواء في مرتبة الدعوة إلى دين الله، وفي أنهم لا شرائع لهم.
وتأكيد إرسالهم بحرف التأكيد للاهتمام بالخبر لأنه قد يغفل عنه إذ لم تكن لهؤلاء الثلاثة شريعة خاصة.
و{إلياس} هو إيلياء من أنبياء بني إسرائيل التابعين لشريعة التوراة، وأطلق عليه وصف الرسول لأنه أمر من جانب الله تعالى بتبليغ ملوك إسرائيل أن الله غضب عليهم من أجل عبادة الأصنام، فإطلاق وصف الرسول عليه مثل إطلاقه على الرسل إلى أهل أنطاكية المذكورين في سورة يس.
و{إذ} ظرف متعلق ب {المرسلين} أي أنه من حين ذلك القول كان مبلغًا رسالة عن الله تعالى إلى قومه.
وقد تقدم ذكر إلياس في سورة الأنعام، والمراد بقومه: بنو إسرائيل وكانوا قد عبدوا بَعْلًا معبودَ الكنعانيين بسبب مصاهرة بعض ملوك يهوذا للكنعانيين ولذلك قام إلياس داعيًا قومه إلى نبذ عبادة بَعْل الصنم وإفرادِ الله بالعبادة.
وقوله: {ألاَ} كلمتان: همزة الاستفهام للإِنكار، و{لا} النافية، إنكار لعدم تقواهم، وحذف مفعول {تتَّقُونَ} لدلالة ما بعده عليه.
وبَعْل اسم صنم الكنعانيين وهو أعظم أصنامهم لأن كلمة بعل في لغتهم تدل على معنى الذكورة.
ثم دلت على معنى السيادة فلفظ البعل يطلق على الذكر، وهو عندهم رمز على الشمس ويقابله كلمة تانيت بمثنّاتين، أي الأنثى وكانت لهم صنمة تسمى عند الفينيقيين بقرطاجنة تانيت وهي عندهم رمز القمر وعند فينيقيي أرض فينيقية الوطن الأصلي للكنعانيين تسمى هذه الصَّنَمَة العشتاروث.
وقد أطلق على بعل في زمن موسى عليه السلام اسم مُولك أيضًا، وقد مثلوه بصورة إنسان له رأس عجل وله قرنان وعليه إكليل وهو جالس على كرسي مادًّا يديه كمن يتناول شيئًا وكانت صورته من نحاس وداخلها مجوف وقد وضعوها على قاعدة من بناء كالتنور فكانوا يوقدون النار في ذلك التنور حتى يحمى النحاس ويأتون بالقرابين فيضعونها على ذراعيه فتحترق بالحرارة فيحسبون لجهلهم الصنم تقبلها وأَكَلَها من يديه، وكانوا يقربون له أطفالًا من أطفال ملوكهم وعظماء ملتهم، وقد عبده بنو إسرائيل غير مرة تبعًا للكنعانيين، والعمونيين، والمؤوبيين وكان لبَعل من السدنة في بلاد السامرة، أو مدينة صرفة أربعُمائة وخمسون سادنًا.
وتوجد صورة بعل في دار الآثار بقصر اللُّوفر في باريس منقوشة على وجه حجارة صوروه بصورة إنسان على رأسه خوذة بها قرنان وبيده مقرعة.
ولعلها صورته عند بعض الأمم التي عبدته ولا توجد له صورة في آثار قرطاجنة الفينيقية بتونس.
وجيء في قوله: {وتَذرونَ أحسن الخالقِينَ} بذكر صفة الله دون اسمه العَلَم تعريضًا بتسفيه عقول الذين عبدوا بَعلًا بأنهم تركوا عبادة الرب المتصف بأحسن الصفات وأكملها وعبدوا صنمًا ذاته وخش فكأنه قال: أتَدْعون صنمًا بشعًا جمع عنصري الضعف وهما المخلوقية وقبح الصورة وتتركون من له صفة الخالقية والصفات الحسنى.
وقرأ الجمهور {إليَاسَ} بهمزة قطع في أوله على اعتبار الألف واللام من جملة الاسم العلم فلم يحذفوا الهمزة إذا وصلوا {إنَّ} بها.
وقرأه ابن عامر بهمزة وصل فحذفها في الوصل مع {إنَّ} على اعتبار الألف واللام حرفا لِلَمح الأصل.
وأن أصل الاسم ياس مراعاة لقوله: {سَلامٌ على آلْ يَاسِينَ}.
وللعرب في النطق بالأسماء الأعجمية تصرفات كثيرة لأنه ليس من لغتهم فهم يتصرفون في النطق به على ما يناسب أبنيَة كلامهم.